بعد تطبيق منظومة التعليم عن بُعد في الفترة الأخيرة، وتعميمها لتشمل كافة المدارس والجامعات بشكل إلزامي بسبب جائحة فيروس كورونا توقع بعض الخبراء والأكاديميين إحداث نمط جديد من التعليم بعد انتهاء انتشار الفيروس، ولا تعتبر ظاهرة التعليم عن بعد جديدة في المجتمع التعليمي الإماراتي حيث سبق وأن ُطبقت في بعض المدارس والجامعات من سنين خلت، لكن الظرف الحالي ساعد في تحقيق قفزة نوعية في نظام التعليم بمساعدة البنية الرقمية القوية الموجودة في دولة الإمارات، وهذا النجاح يقود في المستقبل لظهور نمط جديد من المدارس الذكية مع اختفاء النمط التقليدي للمدارس والتعليم، ويعتبر نجاح الدولة رائداً على مستوى العالم بعد أن حققت نتائج جيدة في ظل تأثر أكثر من 776 مليون طالب في العالم بسبب الجائحة. جاءت تلك التحليلات ضمن جلسة عقدها مجلس علماء شرطة دبي عن بعد بإدارة مدير الإدارة العامة للتدريب في شرطة دبي الدكتور العقيد بدران الشامسي، تحت عنوان «التعليم عن بعد.. إلى المجهول»، حيث تحدث رئيس جامعة دبي، الدكتور عيسى البستكي: إن تجربة الإمارات في التعليم عن بُعد ليست وليدة اليوم في ظل جائحة كورونا، بل بدأت عملياً منذ تسعينات القرن الماضي، حين كان يتم تدريس الطلبة في المناطق الغربية، وذكر وجود فوارق موجودة بين نمطي التعليم التقليدي والتعليم عن بعد، حيث يسمح التعليم التقليدي بالاتصال المباشر بين الطالب والمعلم، هذا يعطي إحساساً بالراحة والحميمية ويزيد من درجة التفاعل، أما بالنسبة للتعليم عن بعد فهو يقوم بالتخلص من هدر الوقت وخصوصاً المخصص للانتقال الى المدارس كما يسمح للطلبة باستخدام التقنيات الحديثة في الاتصال بشكل عملي. وميز بين التعليم عن بعد والتعليم الذكي، حيث يعتبر التعليم عن بعد بداية للتعليم الذكي الذي يعد مرحلة متطورة من مراحل التعليم تقوم بإلغاء المصدر الواحد في التعليم وتسمح للطالب الحصول على العلم والمعرفة من مصادر متنوعة وأماكن مختلفة كما تحرره من التقييد بزمن معين للتعليم، بالإضافة لاعتماد الوسائل المتطورةً كالذكاء الاصطناعي والروبوتات. كما توقع البستكي نشوء نمط من المدارس الذكية تستخدم كلا النمطين من التعليم، مع اختفاء النمط التقليدي من المدارس بما تحتويه من مباني ومرافقها، كما يتم زيادة التفاعل مع الأسر، بحيث يتم إشراكها في وضع المساقات التعليمية، وإعطاءها للطلبة الحرية في اختيار برامجهم الأكاديمية المناسبة بطريقة تناسب ظروفهم وتطلعاتهم المستقبلية. كما تحدثت حصة الرشيد مديرة المجلس التعليمي في وزارة التربية والتعليم، عن استمرار التعليم في الإمارات، برغم الظروف الصحية الصعبة التي تمر بها الإمارات اليوم يعتبر مدعاة للفخر والاعتزاز، وذكرت استعداد وزارة التربية والتعليم عبر امتلاكها لبنية تحتية قوية، تتضمن بوابة التعليم الذكي التي تضم جميع الطلبة والمعلمين، وتمكن المدرس من تصميم المحتوى الطبيعي، كما تحتوي على كتب تفاعلية ومكتبة سمعية وبصرية ومنحنى تدريبي إلكتروني للمعلم، ونظام إدارة امتحانات ذكية. وتحدثت عن تأطير المناهج الدراسي حالياً لكن سيتم إشراك الطالب في تصميمها لاحقاً، كما أكدت أن التعليم عن بعد وفي أسبوعه السابع يسير بشكل جيد حتى الآن، كما بدأت قبيل جائحة كورونا بشكل تجريبي في خمس مدارس، ثم انطلقت إلزامياً في ظل الإجراءات الاحترازية، كما يتم تقييمها بشكل دائم عبر رصد آراء الطلبة، حيث عقدت قبل أسبوعين اجتماعاً عن بعد مع نخبة من الطلبة على مستوى الإمارات. كما تحدثت ممثلة من مركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات، أروى القاسم، عن حرص مؤسسة دبي لاستشراف المستقبل على دراسة شكل التعليم بعد انتهاء جائحة كورونا، وذكرت عن الفرصة المتاحة أمام الإمارات لتكون مركزاً إقليمياً للتعليم الذكي، حيث سبق وكانت الدولة تخطط لتغييرات في نظام التعليم، وساهم تفشي الفيروس في تسريع تلك الخطوة، فقامت مؤسسات التعليم بتعليق كافة أنشطتها التقليدية، واتبعت نظام التعليم عن بعد بهدف حماية الطلبة، لأن تغيير كهذا يتطلب سنيناً من التخطيط في الظروف الراهنة. وبدورها ذكرت رئيس الإبداع والسعادة والابتكار في هيئة المعرفة والتنمية البشرية، هند المعلا، ضرورة التمييز بين أمرين مهمين في ما يتعلق بآلية التعليم عن بعد، الأول تطبيق هذا النظام في أوقات الكوارث مثل «كورونا»، والثاني تطبيقه في الظروف الاعتيادية، ولايزال التقييم مستمر لهذه التجربة، ووفقاً لذلك ستتحدد الحاجة إلى تشريعات لضمان استمرارية هذا النظام أو تقنينه، وأضافت أن الإمارات تمتلك بنية تحتية رائدة في قطاع التعليم، ساهمت في تجاوز الأزمة بشكل كبير، وتحدثت عن التأثر السلبي لجلوس الطالب في المنزل على نفسية الطلبة وبقاءهم بدون تعليم.
كما تحدث بعض المشاركين في جلسة «التعليم عن بعد.. إلى المجهول» عن الفرق بين التعليم عن بعد والتعليم الذكي، رغم اعتماد كليهما على التقنيات الحديثة والافتراضية في التواصل، إلا أن التعليم عن بعد يحافظ على إطار التلقي الاعتيادي من المعلم إلى الطالب عبر تقنيات حديثة، بينما يتجاوز التعليم الذكي كلياً هذا الإطار لتحقيق هدفه العلمي معتمداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي في أي وقت يريده.
كما وضحت دراسة حديثة، قامت بها مؤسسة دبي لاستشراف المستقبل، إلى نتائج، بعض الهيئات التنظيمية لإيجاد حلول مبتكرة بعيدة عن التعليم التقليدي، كتدريب آباء وأمهات الطلبة على التدريس، ومشاركة الطلبة والأسر في تصميم أدوات التعلم والمناهج، وتغيير الرسوم الدراسية المستحقة للمدارس، حيث يمكن أن تحتاج لمساحات أقل لا تتطلب استقبال أفواج من الطلبة.
لا توجد تعليقات بعد.