توصلت آخر الدراسات الحديثة إلى أن فيروس "سارس- كوف-2" (COV-SARS-2) الجديد والذي أطلق عليه (كوفيد-19) والذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية، لا يستطيع العيش لأكثر من يوم واحد على سطح الورق المقوى، ويبقى على قيد الحياة من يومين إلى ثلاثة أيام على أسطح البلاستيك والفولاذ، وذلك لحاجته إلى أجسام حية، ورغم بقاء الكثير من حياة هذه الفيروسات غامضة بالنسبة إلينا، لكن ما نعلمه حاليا يصب لصالح البشرية، إذ اكتشف العلماء أنه يمكن إذابة جدارها الخلوي بسهولة بواسطة الغسل بالماء والصابون.
و لا يمت الفيروس الجديد للأنفلونزا العادية بصلة ، فهو يتسبب بمرض أعراضه مختلفة عن الانفلونزا فهو ينتشر ويسبب الموت بسرعة.
وأفادت الدراسات أنه يوجد 6 فيروسات تنتمي لهذه العائلة تصيب الإنسان بالعدوى، منها أربعة وهي (OC43، وHKU1، وNL63، و229E) تصيب الإنسان بأعراض خفيفة واستمرت لأكثر من قرن من الزمان، مسببةً ثلث حالات نزلات البرد الشائعة. أما الفيروسان الآخران فهما (MERS) (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) و(SARS ) (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) الذي أطلق عليه حاليا «سارس - الكلاسيكي». ويسببان أمراضاً شديدة. وقد حازت هذه الفيروسات على اهتمام العلماء بسبب لتفشي الوباء الجديد.
وعند دراسة مجهرية لشكل الفيروس يتوضح لدينا سبب قدرته على إصابة الخلايا، فهو يتمتع بشكل كروي شائك، يساعده على التعرف على البروتين ACE2 الذي يوجد على سطح جلد للبشر، وهنا تحدث أولى خطوات الإصابة.
كما وضحت الباحثة أنجيلا راسموسن من جامعة كولومبيا: «إن الشكل الخارجي لأشواك الفيروس تسمح له بالالتصاق بذلك البروتين أكثر من فيروس (سارس) الأصلي، ويبدو أن هذا هو سر انتقاله السريع من شخص إلى آخر»، وهكذا نرى أن شدة الارتباط بين الفيروس والخلايا يؤثر على عدد الفيروسات اللازمة للعدوى، فكلما زاد الارتباط أصبح بإمكان عدد قليل من الفيروسات بإصابة البشر.
كما أن أشواك الفيروس تتكون من نصفين مترابطين، وينشط الفيروس عندما ينفصل أحدهما عن الآخر، بينما في حالة «سارس - الكلاسيكي» يصعب فصل الترابط بين النصفين،أما في حالة «سارس - كوفيد- 2» يمكن كسر الجسر الرابط بين النصفين بواسطة الإنزيم المسمى «فيورين» furin الذي تنتجه خلايا الإنسان - والموجود في الكثير من الأنسجة الحية. وهنا يعبر كريستيان أندرسين، الباحث في «معهد سكريبس لأبحاث الدراسات المتعدية» بقوله: «هذا الجانب على الأغلب، مهم لفهم الأشياء العجيبة التي يُحدثها هذا الفيروس».
وعلى سبيل المثال فإن أغلب الفيروسات التنفسية تتبع طريقة معينة في تفاعلها مع الجسم البشري فهي تصيب الجهاز التنفسي العلوي أو الجهاز التنفسي السفلي، كما يمكن لعدوى الجهاز التنفسي العلوي الانتقال بسهولة، لكن أعراض العدوى تكون خفيفة، بينما تكون عدوى الجهاز التنفسي السفلي أصعب انتقالاً وأكثر شدة، لكن «سارس - كوفيد - 2» يتسبب بالعدوى لكلا الجهازين العلوي والسفلي، وقد فسر الباحثون ذلك ربما لأنه يوظف إنزيم «فيورين» الواسع الانتشار. وهذه الضربة الثنائية للفيروس قد تبين سبب انتقاله بين الناس من دون ظهور أعراض عليهم، وهذا ما جعل الأمر صعبا في كبح سرعة انتشاره والتحكم بها، وربما نجد تفسير ذلك في أنه ينتقل من الشخص المصاب إلى الآخرين عندما لايزال في الجهاز التنفسي العلوي قبل انتقاله إلى الجهاز التنفسي السفلي، وظهور الأعراض الشديدة.
ونستطيع القول أن كل ما سبق يبقى مجرد فرضيات لم تثبت بعد، بحكم قصر الفترة الزمنية التي تفصلنا عن اكتشاف الفيروس، فتركيبته البيولوجية ما تزال مجهولة
وبالرغم من أصله الحيواني فهو شديد الفعالية في نقل العدوى للبشر، وتوجد سلالة مقاربة لفيروس «سارس - كوف - 2» لدى الخفافيش، هذا ما يدعونا إلى الاعتقاد بوجوده في تركيبتها، ثم انتقل إلى الإنسان بالتماس المباشر أو بواسطة كائنات حية أخرى، وتقول فرضية أخرى عن وجود فيروس آخر يوجد لدى حيوان البنغول البري يقارب فيروس «سارس - كوفيد - 2»، وهذه المقاربة فقط في قسم صغير من الأشواك التي تتعرف على بروتين ACE2.
ومن المعروف أن فيروس "سارس الكلاسيكي" عند قيامه بحركة بقصد التعرف للمرة الأولى على البروتين الموجود على الخلايا السطحية للإنسان ACE2، وجب عليه المرور بفترة تحول، بينما الفيروس الحالي استطاع ذلك من المرة الأولى، كما قال الباحث في كلية الطب في ماريلاند ماثيو فريمان: "لقد استطاع هذا الفيروس إيجاد أفضل الطرق ليصبح فيروسا يصيب الإنسان". |
لا توجد تعليقات بعد.